رؤية الجميع

مسجد حسين علي خان

لأسباب واضحة، فإن أكثر المساجد المدروسة في يريفان، والذي تم جمع المعلومات الأكثر دقة عنه، هو مسجد حسين علي خان أو المسجد الأزرق: جيوي جامع، جيوك جامع، جيوميتشيت، مسجد كبود. وقد وصف الرحالة الألماني أوغوست فون هاختهاوسين الذي زار المسجد الأزرق برفقة خاتشاتور آبوفيان، بتفصيل المجريات في المسجد والموجودات في داخله، مسميًا إياه أفخم مبنى شاهده في يريفان على الإطلاق[1]. وهناك كتابات مختلفة حول تاريخ تأسيس المسجد حيث يُذكر أنه بُني في الأعوام من 1760 إلى 1766م، وذلك استنادًا إلى ما هو مكتوب ومحفوظ فوق البوابات الجنوبية عن سنة تأسيسه الهجرية. وهكذا يذكر يرفاند شاه عزيز في مؤلفه عام 1760م عامًا لتأسيسه، وفي الوقت نفسه يذكر بأن سنة تأسيسه هو 1176هـ[2] أي 1766/1765م الذي محفور على المسجد. ويذكر هوفهانيس شاه خاتونيانتس، ربما عن طريق الخطأ، سنة 1186هـ[3] الموافق 1773-1772م كسنة لتأسيسه. وأفاد الرحالة البريطاني لينتش بأن حسب معلومات أحد كبار الملالي بُني المسجد في عهد نادر شاه (1746-1737م) من قبل الساردار حسين علي خان[4]. إلا أن هذا الإصرار لا يمكن أن يتفق مع الواقع حيث بدأ حسين علي خان حكمه في يريفان بعد ما يقرب من عقدين من وفاة الشاه الفارسي نادر أي منذ عام 1764م. إنّ هيكل المسجد أشبه ما يكون بالمساجد الشيعية. ويقع المسجد الرئيسي الذي يضم ثلاث قاعات صلاة مترابطة مقوسة على الجانب الجنوبي من المجمع المسيّج المستطيل الشكل. ويوجد داخل السور الفناء الداخلي بنطاقه الأخضر، وفي وسط الفناء توجد نافورة كانت في الماضي، بالإضافة إلى أهميتها الجمالية، تخدم المؤمنين في أداء طقوس الوضوء قبل الصلاة. وتوجد غرف منفصلة على امتداد السور كانت تستخدم في السابق لأغراض دينية وتعليمية ومعيشية. وللمسجد مئذنة واحدة، وقبة مركزية أساسية وقبتان جانبيتان صغيرتان. ولقبة المئذنة والقبة المركزية للمسجد كساء من الفسيفساء الخزفي، في الأساس باللون الأزرق/السماوي، وتتكرر في جميع أنحاء القبة المركزية المزينة بالزخارف كتابة مشعشعة جميلة مكتوبة بالحروف العربية “يا علي”. وكان اللون الأزرق السائد في غطاء القبة الفسيفسائية هو الأساس لتسمية المسجد باسم المسجد الأزرق. علاوة على ذلك، يتضح من دراسة الصور القديمة أنه في الربع الأول من القرن العشرين، تم ترميم غطاء الفسيفساء للقبة المركزية، مما أدى إلى تغير كبير في مظهره الخارجي، وحلت الزخرفة الموصوفة أعلاه محل الزخرفة المتكررة ذات الأشكال المائلة التي كانت سائدة. إن المجمع مكسو بالكامل بالطوب، ماعدا القاعدة التي مغطاة بالتوفا. وكان لمجمع المسجد ثلاث بوابات تؤدي إلى الفناء الداخلي، وكانت البوابتان الجنوبية والغربية منها تعتبران كبوابتين رئيسيتين[5]، وكانت البوابة الشرقية عبارة عن باب صغير يؤدي إلى الفناء ومن هناك إلى الخارج[6]. كما تمت إحاطة البوابات الجنوبية والغربية، وكذلك مدخل قاعات الصلاة، بقرميد السيراميك المزخرف، والذي تم الحفاظ عليه بشكل رائع على البوابة الجنوبية وقاعة الصلاة حتى يومنا هذا. وقد أُغلقت البوابات الغربية بالأبنية خلال أعمال بناء وتوسيع شارع ماشتوتس الحالي (شارع أرميانسكايا، ومن ثم سوندوكيان، وفيما بعد ستالين، وبعد ذلك جادة لينين). ونتيجة لتوسيع الجادة أقتُطع أيضًا الجزء الشمالي الغربي من المجمع المسور المستطيل الشكل بفاصل وتم فتح مدخل جديد. ولم يعمل المسجد خلال سنوات الحكم السوفيتي. وقد أقيمت هنا قبة فلكية (بلانتاريوم) ومتحف طبيعة أرمينيا ومتحف تاريخ يريفان. وفي البداية كان هناك مقهى في الفناء، وفي السنوات اللاحقة أقيمت هناك معارض مختلفة. ومنذ عام 1995م، كعلامة على حسن النية تجاه 

 

الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تم تسليم المسجد إلى رعاية السفارة الإيرانية لدى أرمينيا وقد تم ترميمه؛ ويخدم اليوم لهدفه الرئيس مرة أخرى، كونه المسجد الوحيد العامل ليس فقط في يريفان فحسب، بل في جمهورية أرمينيا بأكملها أيضًا.

 

[1] Гакстгаузен, барон Август фон, Закавказский край. Заметки…, стр. 235-239.

 

[2] ي. شاهازيز، يريفان القديمة، الطبعة الثانية، يريفان، 2003م، صفحة 201.

 

[3] المطران هوفهانّيس شاهخاتونيانتس، المصدر المذكور، صفحة 308.

 

[4] Lynch, H.F.B., Armenia. Travels and studies, v. I, p. 214.

 

[5] المطران هوفهانّيس شاهخاتونيانتس، المصدر المذكور، صفحة 308.

 

[6] ي. شاهازيز، المصدر المذكور، صفحة 199.